تقرير تحليلي: التحديات التي تواجه النساء في ليبيا
إعداد: هالة بوقعيقيص
بينما تحبس طرابلس أنفاسها، على نسائها الاستعداد للأسوأ
في 12 مايو 2025، شهدت طرابلس تصعيدًا كبيرًا في العنف بعد اغتيال عبد الغني الككلي، المعروف على نطاق واسع باسم "غنيوة"، قائد جهاز دعم الاستقرار، واندلعت اشتباكات مسلحة أثناء الليل، ردًا على اغتيال غنيوة، بعد تصاعد القتال بين اللواء 444 قتال، التابع لحكومة الوحدة الوطنية، وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. واشتد النزاع بعد محاولة القوات الحكومية توسيع نفوذها على حساب جهاز الردع. وقد وقعت الاشتباكات في أحياء سكنية مكتظة، ما أدى إلى دمار واسع في أنحاء المدينة، ومع غياب الممرات الآمنة و الاستجابة الإنسانية عند اندلاع القتال، وجد العديد من المدنيين أنفسهم محاصرين في تبادل للنيران.
بينما تحبس طرابلس أنفاسها تحت هدنة هشة أُعلِنت في 14 مايو، لا يزال خطر تجدد العنف يهدد سكانها، وفي نفس الوقت أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجلس الرئاسي الليبي تشكيل لجنة الهدنة.
وفي أثناء استمرار تركز الجهود على وقف إطلاق النار والوساطة، لا ينبغي أن يغيب عن بالنا ضرورة الاستعداد العاجل للاستجابة الإنسانية في حال تدهور الوضع.
ليس علينا انتظار استئناف العنف من أجل الاستعداد للاستجابة الإنسانية. الآن هو الوقت الأمثل للتحرك، من خلال تخطيط استباقي شامل وموجه، يضع احتياجات الفئات الأكثر ضعفًا في المقدمة، ويتضمن ذلك المجالات الحرجة التالية التي يجب معالجتها عاجلاً:
إشراك النساء في ترتيبات الهدنة والتخطيط الإنساني
كشفت هذه الاشتباكات عن هشاشة الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والأهم، كيف أن هذه الجهود لا تأخذ في الاعتبار البعد الجندري. حتى إن لجنة الهدنة التي أُنشِئت تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة، لم تضم أي امرأة، ولم يُتشاوَر مع النساء خلال العمليات الجارية. كما فشلت وكالات الأمم المتحدة الأخرى في عقد اجتماعات أو مشاورات مع النساء الفاعلات على الأرض لضمان الاستعداد في حال حدوث أزمة إنسانية، ما يسلط الضوء على ضعف تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 وأجندة المرأة والسلام والأمن في ليبيا.
من البديهي القول إن النساء لسن مجرد ضحايا، بل هن قائدات ومنَظِّمات ومستجيبات أُوَل. إن مساهمتهن ضرورية لوضع ترتيبات شاملة لوقف إطلاق النار، وأنظمة فعالة لتقديم المساعدات، ومسارات آمنة، وخدمات متاحة. ويجب أن تُدمَج النساء في جهود الوساطة الإنسانية واتخاذ القرار، بدءًا من اللجان المحلية وصولًا إلى مراكز التنسيق.
الممرات الآمنة ضرورة إنسانية
مع تصاعد النزاع وتقييد الحركة، تواجه النساء مخاطر متزايدة عند محاولتهن الفرار من العنف. يجب أن يكون إنشاء ممرات آمنة ووسائل نقل محمية للنساء والفتيات وخصوصًا اللواتي يهربن من مناطق القتال أو يحتجن إلى رعاية طبية في صلب التخطيط الإنساني، فحرية التنقل ليست مسألة لوجستية فحسب، بل هي مسألة حياة.
وعليه يجب تدريب وتجهيز المستجيبين الإنسانيين، بمن فيهم الهلال الأحمر الليبي وفرق الكشافة، لتلبية الاحتياجات الخاصة والحساسة للنساء والفتيات أثناء عمليات الإنقاذ وتوزيع المساعدات، من الممارسات المستجيبة للصدمات النفسية إلى ضمان الخصوصية والكرامة، واستمرار دورهم الأساسي في بناء الثقة وتوفير الحماية في كل مرحلة من مراحل الاستجابة.
الصحة الإنجابية ورعاية الأمهات ليست خيارًا
أفادت إدارة الإسعاف والطوارئ التابعة لوزارة الصحة بأن النساء كن محاصرات داخل مستشفى الجلاء – وهو مرفق صحي خاص بأمراض النساء والولادة – وحذرت من أزمة محتملة إن لم تتوقف الاشتباكات. وقد يؤدي النزاع إلى تعطيل حاد في الوصول إلى الرعاية الصحية الضرورية. فقد تواجه الحوامل مخاطر تهدد الحياة دون وجود قابلات مؤهلات، بينما قد تكون الاحتياجات الأساسية مثل وسائل منع الحمل، ومستلزمات النظافة الشهرية، والرعاية التوليدية الطارئة غير متوفرة. ويجب أن يشمل أي تخطيط للاستجابة الإنسانية تأمين المستشفيات وضمان الوصول الآمن إلى مرافق الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إنشاء عيادات متنقلة.
الحاجة إلى مراكز إيواء آمنة
بالتوازي مع ذلك، يجب تجهيز مراكز إيواء آمنة بشكل عاجل وجعلها متاحة، ويجب أن تكون هذه المراكز مجهزة بشكل مناسب للاستجابة للاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات. ويشمل ذلك توفير مستلزمات النظافة الشهرية، ومساحات آمنة وخاصة، وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، واحتياجات الأمهات وأطفالهن. إن تجاهل هذه الاحتياجات في تخطيط مراكز الإيواء يعرض النساء لمزيد من مخاطر الإهمال والانتهاك والصدمات أثناء الأزمات.
ختاماً، الهدنة ليست سلامًا. قد يعطل وقف إطلاق النار القتال، لكنه لا يعالج الاحتياجات الأعمق للسكان، خاصة النساء والفتيات، ولهذا يجب أن تشارك النساء بفعالية في مفاوضات الهدنة والترتيبات التي تليها، فدون تخطيط يستجيب للنوع الاجتماعي، ستبقى الفئات الأكثر ضعفًا محاصرة في الأزمة. وبينما يراقب العالم طرابلس، يجب أن تتجذر استجابتنا في الحماية والكرامة والمرور الآمن. فالسلام ليس فقط غياب صوت الرصاص، بل هو خلق ظروف تسمح للناس، لا سيما الفئات الضعيفة، بالتنقل بحرية والوصول إلى الخدمات بأمان وكرامة
